تستعد شركة "هيوماين" السعودية لإحداث نقلة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي بإطلاقها نموذجها الجديد "علّام" نهاية أغسطس الجاري، ليكون أول نموذج تأسيسي متطور بالكامل مصمم ومطوّر داخل المملكة العربية السعودية. يأتي هذا الإعلان على لسان طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة هيوماين، في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، مؤكداً أن "علّام" يُمثل شهادة على قدرة العالم العربي على الابتكار والتفوق في تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مراعاة الخصوصية الثقافية واللغوية التي تميز المنطقة.
نموذج "علّام" ليس مجرد نسخة مترجمة للنماذج العالمية، بل هو مشروع تم تطويره من البداية مع تركيز كامل على اللغة العربية بلهجاتها المتعددة، بما في ذلك الفصحى واللهجات السعودية والمصرية والأردنية واللبنانية. قاعدة بيانات النموذج مبنية على مجموعات بيانات خاصة غير متاحة للعامة، مما يمنحه قدرة فريدة على الفهم العميق للغة العربية.
فريق البحث خلف "علّام" يضم 40 باحثاً حاصلين على درجة الدكتوراه، عملوا بسرية تامة داخل السعودية لتطوير نموذج يُوصف بأنه الأفضل والأكثر ملاءمة للواقع العربي من حيث الاستخدام. كما تم تصميم النموذج ضمن إطار الذكاء الاصطناعي المسؤول، مع مراعاة القيم الثقافية والاجتماعية والسياسية، واعتماده على مبدأ الملاءمة وبناء الثقة بدل الرقابة الصارمة.
سيتم طرح "علّام" من خلال تطبيق "هيوماين شات" المجاني، وهو مشابه لتطبيق ChatGPT لكنه يركز على تقديم تجربة عربية أصيلة. وقد أثبت النموذج فعاليته عملياً، حيث تم استخدامه في أداة "صوتك" لتفريغ محاضر الجلسات القضائية بالسعودية. وأكد طارق أمين افتخار الشركة بتميز "علّام" وأشار إلى أن ChatGPT لن يمتلك قواعد بيانات مماثلة.
يمثل "علّام" حجر الأساس في منظومة كاملة تطورها هيوماين بالتعاون مع شركاء كبار مثل أرامكو ديجيتال والمركز الوطني للذكاء الاصطناعي (سدايا)، بهدف تمكين المطورين والشركات الناشئة من الوصول إلى النموذج واستخدامه لأتمتة الخدمات وتسريع التحول الرقمي في المنطقة.
ولم تقتصر جهود هيوماين على تطوير النموذج فقط، بل امتدت إلى بناء بنية تحتية عالمية متقدمة لدعم "علّام". وذلك من خلال شراكة استراتيجية مع شركة Groq الأمريكية المتخصصة في أنظمة الاستدلال السريع منخفض التكلفة، حيث تمكنت من نشر 19 ألف وحدة معالجة لغوية خلال ستة أيام فقط، مما خفض تكلفة خدمات الاستدلال بنحو 60% مقارنة بمواقع أخرى حول العالم. المنصة تستخدم بنية استهلاك منخفض للطاقة وذاكرة SRAM، مما يجعلها مثالية لتشغيل النماذج الضخمة بفعالية عالية.
تعمل هيوماين أيضاً على مشاريع أخرى طموحة، منها إطلاق نظام تشغيل مؤسسي جديد باسم "هيومان وان" في أكتوبر المقبل، يعتمد على واجهة أوامر موحدة تنفذ مهاماً معقدة بكفاءة عالية، موفرة ساعات عمل كثيرة. كما تطور الشركة حاسوباً ذكياً بالشراكة مع كوالكوم يجمع بين المعالجة المركزية والرسومية والعصبية، معززة بتقنيات الحوسبة المحلية السريعة التي لا تعتمد على مراكز البيانات البعيدة.
يرى طارق أمين أن هذه المبادرات تتماشى بشكل مباشر مع رؤية المملكة 2030، معتبرًا الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية لبناء اقتصاد وطني قوي في مجالات متنوعة مثل السياحة والرعاية الصحية والصناعة. ويصف رؤية ولي العهد محمد بن سلمان بأنها "رؤية عملية واستراتيجية"، حيث يعتبر الذكاء الاصطناعي أكثر من أداة؛ بل ضرورة لتطوير قدرات المواطنين وتسريع تبني التكنولوجيا عبر كل القطاعات.
تهدف هيوماين إلى أن تكون السعودية مركزاً عالمياً لتصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع الاعتماد الأساسي على المواهب المحلية كمصدر قوة رئيسي لتحقيق هذا الهدف.
بهذا التطور، تؤكد السعودية دخولها بقوة في خريطة التكنولوجيا العالمية، مع نموذج عربي ينطلق من قلب الثقافة واللغة ليشكل حجر أساس لاقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي.
تابع موقعنا tech1new.com انضم إلى صفحتنا على فيسبوك و متابعتنا على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، للحصول على تحديثات إخبارية فورية ومراجعات وشروحات تقنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق