في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، برزت فيتنام كقوة جديدة وغير متوقعة في سباق صناعة أشباه الموصلات العالمي، لتكون من أبرز المستفيدين من التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية الأخيرة.
مع تشديد الإدارة الأميركية السابقة بقيادة دونالد ترامب للرسوم الجمركية على واردات الصين، اتجهت شركات التكنولوجيا الكبرى للبحث عن بدائل أكثر أمانًا وموثوقية، فوجدت في فيتنام خيارًا مناسبًا ما أدى إلى زيادة ملحوظة في الطلب على مصانعها المتخصصة في تصنيع مكونات الرقائق الإلكترونية ولوحات الدوائر المطبوعة، بحسب تقرير موقع "Rest of World".
قفزة في الطلب وتوسع الاستثمارات
من بين هذه المنشآت، سجلت شركة فاب-9 زيادة بنحو 20% في الطلب على منتجاتها، حيث أصبحت مشغولة بعقد مؤتمرات دولية وعرض تقنياتها التي لاقت اهتمامًا واسعًا من العملاء في أوروبا وآسيا. وفي حين تسرع شركات فيتنامية لتوسيع حجم إنتاجها، تتبنى الحكومة استراتيجية وطنية لصناعة أشباه الموصلات تهدف إلى إنشاء أول مصنع تصنيع محلي و100 شركة تصميم رقائق و10 مصانع تغليف بحلول عام 2030.
عودة الخبرات المحلية واستثمارات نوعية
بعيدًا عن جذب الاستثمارات الأجنبية، تشهد فيتنام عودة مهندسيها الذين اكتسبوا خبراتهم في كبرى شركات التكنولوجيا العالمية مثل TSMC وسامسونغ وسينوبسيس، وأسس بعضهم شركات محلية متخصصة في تصميم وتغليف الرقائق. من أمثلة ذلك، مختبر تغليف أشباه الموصلات VSAP Lab في دا نانغ، الذي يستثمر 72 مليون دولار، ويستهدف إنتاج 10 ملايين وحدة سنويًا.
تحديات تواجه القطاع
رغم هذه الإنجازات، يحذر الخبراء من التفاؤل المفرط، مستشهدين بتجارب دول أخرى مثل ماليزيا التي تستضيف مصانع عالمية لسنوات لكنها لم تحقق تصنيعًا محليًا فاعلًا. ويؤكد المحللون أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الرقائق يتطلب إصلاحات هيكلية تشمل تطوير التعليم والبحث العلمي ودعم الشركات الناشئة.
دعم حكومي ورؤية مستقبلية
تستجيب الحكومة الفيتنامية لهذه التحديات بإصلاحات تركز على التكنولوجيا والقطاع الخاص، حيث أعلنت في يونيو 2025 عن أول منطقة تجارة حرة في مدينة دا نانغ، والتي تعد الآن مركزًا لصناعات التكنولوجيا المتقدمة مع وجود 23 شركة لتصميم الرقائق، بعد أن كان العدد سابقًا 9 فقط.
تحاول شركات محلية كـ Vietnam Wafer وFPT تطوير البنية التحتية لإنتاج المواد الخام عالية النقاء وتجميع واختبار الرقائق، بهدف الانتقال من دور مصنع للتجميع فقط إلى مركز تصنيع متكامل عالي التقنية.
في تعليق عن هذه التحولات، قال بيرت أروكان، رئيس شركة فاب-9: "يشبه ما نعيشه اليوم وادي السيليكون قبل 55 أو 60 سنة. نحن في بداية تحول كبير، ولكنه يبدو واعدًا للغاية."
ومع استمرار التنافس التكنولوجي بين القوى العالمية الكبرى، يبدو أن فيتنام قد حصلت على فرصتها الذهبية لتصبح لاعبًا رئيسيًا في واحدة من أكثر الصناعات التقنية استراتيجية في العالم.
تابع موقعنا tech1new.com انضم إلى صفحتنا على فيسبوك و متابعتنا على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، للحصول على تحديثات إخبارية فورية ومراجعات وشروحات تقنية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق