في تحول استراتيجي لافت، تُوجّه سامسونغ للإلكترونيات أنظارها نحو المستقبل البعيد، حيث تُحوّل تركيزها من السباق على لقب "الأول في العالم" إلى بناء استراتيجية واقعية ومستدامة في سوق تصنيع الرقائق — مع أولوية قصوى لتقنيتها القادمة: الرقائق بحجم 2 نانومتر .
وفقًا لتحليل نشرته صحيفة "تشوسون إيلبو" الكورية، تسعى سامسونغ الآن إلى تحقيق عائد اقتصادي فعّال وكفاءة إنتاجية مستقرة ، بدلًا من المخاطرة بتبني تقنيات مبكرة لم تُختبر كفايتها بعد. هذا التحوّل يأتي في أعقاب دروس قاسية من الماضي، أبرزها فشل تقنية 3 نانومتر في تحقيق معدلات إنتاج مرضية، ما أدى إلى تأخيرات حادة، وخيبة أمل داخلية، بل وإلغاء خطط لإطلاق سلسلة Galaxy S25 تعتمد على معالجات Exynos مبنية على تلك التقنية.
اليوم، تُعيد سامسونغ حساباتها. وتُركّز داخليًا على تقييم الطلب على رقائق 2 نانومتر على مدى ثلاث سنوات قادمة ، مع بناء أساس متين يرتكز على عنصرين حاسمين:
* إدارة فعّالة لتبدد الحرارة
* ثبات عالٍ في أداء الرقاقة على المدى الطويل
هذان الجانبان لم يعودا ثانويين، بل أصبحا محوريين في استراتيجية الشركة، بهدف تفادي تكرار أخطاء الماضي، وضمان أن تُطرح التقنية الجديدة ليس بسرعة، بل بجودة وموثوقية تُرضي أكبر العملاء تطلبًا: مثل إنفيديا وكوالكوم .
ومن المتوقع أن يكون معالج Exynos 2600 أول من يُعتمد على هذه التقنية المتطورة، ما يُعدّ فرصة كبيرة لسامسونغ فاوندري لاستعادة مكانتها التنافسية في سوق التصنيع العالمي، خاصة أمام العملاق التايواني TSMC ، الذي يشهد طلبًا هائلاً على رقائق 2 نانومتر من شركات كبرى مثل أبل وإنفيديا وميديا تك .
لكن هنا بالذات تكمن الفرصة: مع احتمال عدم قدرة TSMC على تلبية الطلب المتزايد بالكامل ، تسعى سامسونغ إلى استغلال هذا الفراغ، لا بالقفزات الدعائية، بل بالدقة والانضباط.
كما أوضح أحد كبار المسؤولين في سامسونغ فاوندري :
"بينما كانت تقنيات 3 نانومتر و4 نانومتر تسعى للسبق العالمي عبر خطوات جريئة، فإن مسارنا مع 2 نانومتر مختلف تمامًا. نحن نُعدّ لها بعناية، حتى لو جاء إطلاقها متأخرًا. هدفنا هو اكتمال العملية، وثبات الجودة، وليس مجرد الظهور الأول."
وأضاف:
"التقنية بحجم 2 نانومتر ستكون العمود الفقري للحواسيب المحمولة، والخوادم، والحوسبة عالية الأداء لسنوات قادمة — ربما 3 إلى 4 سنوات على الأقل. لذا، لا يمكننا أن نُخطئ هذه المرة."
بمعنى آخر، لم يعد السباق عن من يُطلق أولًا، بل عن من يُنتج بشكل أفضل، وأطول، وأكثر كفاءة. وإذا نجحت سامسونغ في هذه الاستراتيجية، فقد لا تكون الأولى في السوق، لكنها قد تكون الأخيرة التي يُبقى عليها .
تابع موقعنا tech1new.com انضم إلى صفحتنا على فيسبوك و متابعتنا على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، للحصول على تحديثات إخبارية فورية ومراجعات وشروحات تقنية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق