في تطور يسلّط الضوء على التحديات المعقدة التي يواجهها ضحايا سرقة الهواتف الذكية، رفع مايكل ماثيوز، الذي وقع ضحية لعملية سطو استهدفت هاتفه الآيفون، دعوى قضائية ضد شركة أبل أمام إحدى المحاكم الأميركية، ساعيًا من خلالها إلى تحقيق هدفين رئيسيين.
يُطالب ماثيوز، في دعواه، بمنحه حق الوصول إلى حجم هائل من البيانات يقدر بنحو 2 تيرابايت، والتي يصفها بأنها تمثل "كامل حياته الرقمية، بما في ذلك أدق تفاصيل حياة عائلته". وإلى جانب ذلك، يسعى ماثيوز للحصول على تعويضات مالية تصل قيمتها إلى 5 ملايين دولار أميركي.
يُسلّم الخبراء بأن الهواتف الذكية قد أصبحت بمثابة القلب النابض للوجود الرقمي للأفراد في العصر الحالي، فهي ليست مجرد وسيلة للاتصال الاجتماعي، بل هي البوابة الرئيسية التي يعبر من خلالها الأفراد إلى حياتهم المالية والمهنية على حد سواء، وذلك وفقًا لتقرير نشره موقع "Digital Trends" المتخصص في أخبار التكنولوجيا.
ولا شك أن سرقة هاتف آيفون يمكن أن تحدث انقلابًا جذريًا في حياة مالكه في جوانب متعددة، وغالبًا ما يكون استعادة الملفات الثمينة المخزنة عليه مهمة بالغة الصعوبة. إلا أن هذه القضية المرفوعة قد تمنح بعض ضحايا سرقات أجهزة الآيفون بصيص أمل أخير لاستعادة بياناتهم المفقودة.
وقد سُرق هاتف ماثيوز، الذي يشغل منصبًا تنفيذيًا في إحدى شركات التكنولوجيا بولاية مينيسوتا، أثناء تواجده في ولاية أريزونا. ولم يكن الجهاز يحوي بيانات شخصية فحسب، بل اشتمل أيضًا على معلومات حساسة للغاية تتعلق بإقراراته الضريبية وأبحاثه المهنية الهامة. وقد شكلت سرقة هاتفه الآيفون ضربة قاصمة له، بل وأدت في نهاية المطاف إلى إغلاق شركته الاستشارية المتخصصة في مجال التكنولوجيا.
يزعم ماثيوز في دعواه أنه على الرغم من تقديمه لأدلة قاطعة تثبت ملكيته للهاتف المسروق، فقد رفضت شركة أبل بشكل قاطع إعادة تعيين مفاتيح الاسترداد الخاصة بحسابه، الأمر الذي حال دون تمكنه من استعادة الوصول إلى جميع بياناته الثمينة. وقد جاء في نص الدعوى القضائية اتهام صريح لأبل بأن "تصرفها هذا يُطيل أمد النشاط الإجرامي للقراصنة ويقدم لهم يد العون".
ما الذي يحدث بالضبط عند سرقة هاتف آيفون؟
في حال تعرض هاتف آيفون للفقدان أو السرقة، تنصح شركة أبل مستخدميها باتخاذ إجراء فوري يتمثل في تحديد الجهاز على أنه "مفقود/ Lost" عبر لوحة التحكم الخاصة بخدمة "Find My". ويؤدي هذا الإجراء تلقائيًا إلى قفل الجهاز برمز مرور، وتعليق جميع بطاقات الدفع والتصاريح المخزنة في تطبيق "Wallet".
كما توفر أبل أداة أمان إضافية تُعرف باسم "Stolen Device Protection" أو "حماية الجهاز المسروق". تعمل هذه الأداة على تقييد الوصول إلى المهام الحساسة، مثل عرض كلمات المرور والبطاقات المصرفية المحفوظة، باستخدام تقنيتي التعرف على الوجه ("Face ID") أو بصمة الإصبع.
بالإضافة إلى ذلك، تتمتع هذه الأداة بالقدرة على اكتشاف ما إذا كان الجهاز موجودًا في موقع غير مألوف، وبالتالي حظر بعض الإجراءات الهامة، مثل إيقاف تتبع موقع الجهاز عبر "Find My"، وتعطيل بطاقات الدفع، والوصول إلى سلسلة مفاتيح كلمات المرور.
ومن خلال لوحة معلومات حساب أبل الخاص بالمستخدم، يمكنه أيضًا إعادة تعيين كلمة المرور وتحديث التفاصيل الحساسة، مثل أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني الموثوقة، بالإضافة إلى طرق استرداد الحساب. وبعد اتخاذ هذه الخطوات الاحترازية، يمكن للمستخدم اختيار مسح جميع البيانات المخزنة على هاتف آيفون المفقود عن بُعد. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه العملية نهائية ولا يمكن التراجع عنها أو استعادة البيانات المحذوفة.
ما هي الخطوات التالية؟
إن خيار حذف جميع البيانات عن بُعد ليس خيارًا متاحًا أو مقبولًا بالنسبة للعديد من المستخدمين، خاصة إذا كانت هواتفهم تحتوي على بيانات حساسة تتعلق بالعمل أو الشؤون القانونية أو المالية. وهنا تكمن المعضلة الحقيقية، إذ لا توفر شركة أبل آلية شاملة وفعالة لاستعادة الوصول إلى البيانات الموجودة على جهاز مفقود، إلا في حال كان المستخدم قد قام بنسخها احتياطيًا بشكل كامل على السحابة.
وقد صرح المستشار القانوني المكلف بالقضية المرفوعة ضد شركة أبل قائلًا: "بأي حق تحتفظ الشركة ببيانات المستخدمين وترفض إعادتها إليهم؟". ومن المتوقع أن تستغرق عملية جمع الأدلة ومراجعتها القانونية النهائية ما يصل إلى ثمانية أشهر، يليها إصدار أمر قضائي رسمي يلزم شركة أبل بالامتثال لمطالب المدعي.
لكن حتى إجراءات الحماية المذكورة أعلاه قد تفشل في تحقيق الغاية المرجوة إذا لم يتخذ الضحية إجراءً سريعًا وفوريًا بعد السرقة. فإذا تمكن اللص من الحصول على رمز مرور الهاتف، فإنه يصبح قادرًا على تعطيل جميع إجراءات الحماية التي توفرها أبل، بما في ذلك تغيير عنوان البريد الإلكتروني المرتبط بحساب المستخدم وتعديل تفاصيل الاسترداد، وهو ما يعني حرمان المالك الشرعي للجهاز من الوصول إلى بياناته بشكل كامل.
وهنا غالبًا ما يصل الضحية إلى طريق مسدود. فوفقًا لسياسة أبل، "إذا فقدت مفتاح الاسترداد ولم تتمكن من الوصول إلى أحد أجهزتك الموثوقة، فسيتم حظر وصولك إلى حسابك بشكل دائم". وعلى الرغم من أن جميع البيانات المخزنة على السحابة تظل موجودة، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن أبل تختار ببساطة عدم إعادتها إلى مالكها الشرعي الذي سُرق هاتفه الآيفون الخاص به.
ويبدو أن النهج الذي تتبعه أبل، والذي يضع أولوية قصوى للخصوصية، غالبًا ما يعيق جهود الاسترداد التي يبذلها الضحايا الحقيقيون لسرقة هواتفهم. والطريق الوحيد الموثوق لاستعادة البيانات في مثل هذه الحالات غالبًا ما يمر عبر إشراك سلطات إنفاذ القانون المحلية أو الدخول في معركة قضائية طويلة ومكلفة.
إلا أن هذه الدعوى القضائية الأخيرة قد تمثل بصيص أمل للعديد من ضحايا سرقة هواتف الآيفون الذين يواجهون مأزقًا مماثلًا. فقد أفادت التقارير بأن جون براير، المحامي الذي يقود هذه القضية ضد أبل، قد اختار بالفعل ما يقرب من اثني عشر عميلًا آخرين يواجهون ظروفًا مشابهة لما تعرض له مايكل ماثيوز.
تابع موقعنا tech1new.com انضم إلى صفحتنا على فيسبوك و متابعتنا على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، أو أضف tech1new.com إلى موجز أخبار Google الخاص بك للحصول على تحديثات إخبارية فورية ومراجعات وشروحات تقنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق