في مشهد قد يبدو وكأنه مقتبس من فيلم خيال علمي، صعد أكثر من ثلاثين روبوت توصيل ذاتي الحركة، مزود بأربع عجلات، إلى قطارات مترو مزدحمة في مدينة شنتشن الصينية هذا الأسبوع، في تجربة أولية ناجحة قد تمهد الطريق لثورة في عالم الخدمات اللوجستية داخل المدن الذكية.
ورغم أن العرض لم يكن سوى اختبار أُجري خلال ساعات الذروة المنخفضة، إلا أن هذه المبادرة، التي تندرج ضمن جهود أوسع لدمج الروبوتات في الحياة العامة، كشفت عن مستقبل تتعايش فيه الآلات والبشر بسلاسة في أكثر الأماكن العامة ازدحامًا.
تفاصيل المهمة: من الرصيف إلى المتجر
أوردت صحيفة "South China Morning Post" تفاصيل الاختبار الذي شمل 41 روبوتًا طورتها شركة تابعة لـ "Vanke"، وهي شركة صينية كبرى يملك مترو شنتشن جزءًا منها. ويُظهر مقطع الفيديو التوضيحي الروبوتات التي يبلغ طولها نحو متر واحد، وهي تصطف بانتظام على رصيف محطة المترو، وتنتظر بصبر نزول الركاب قبل أن تصعد إلى القطار.
وعند وصولها إلى محطتها المستهدفة، تنزل الروبوتات من العربة وتتجه ذاتيًا إلى المصعد، الذي يتم تشغيله عن بُعد للسماح لها بالمرور. وبعد خروجها، تتوجه كل وحدة إلى واجهة متجر "7-Eleven" المستهدف، حيث يقوم أحد الموظفين بفتح صندوق الروبوت وسحب الطرود الموجودة بداخله. ولإضفاء لمسة إنسانية، زُوّدت هذه الروبوتات بشاشات LED على هيئة "وجه" تُضيء بعيون كرتونية وابتسامات ودودة.
العقل المدبر: كيف تعمل هذه المنظومة الذكية؟
تعتمد هذه الروبوتات على مزيج متطور من تقنيات الروبوتات وتخطيط الذكاء الاصطناعي. فهي مزودة بتقنية ليدار بانورامية (نفس التقنية المستخدمة في السيارات ذاتية القيادة) لرؤية البيئة المحيطة وتجنب العقبات. كما يتيح لها هيكلها الذكي المصمم خصيصًا، والذي تُشبهه الشركة بـ "الهيكل العظمي والأعصاب الحركية"، إجراء تعديلات دقيقة وذاتية عند صعود المترو أو استخدام المصعد.
لكن العقل المدبرالحقيقي للنظام هو خوارزمية ذكاء اصطناعي مركزية، تُشرف على جدولة المهام وتحديد أفضل مسارات التوصيل، آخذه في الإعتبار متغيرات متعددة مثل نوع الشحنة، ومتطلبات التوصيل، وسعة عربات المترو المتاحة، لضمان أعلى مستويات الكفاءة.
الحل لمشكلة لوجستية معقدة
تؤكد الشركة المطورة أن الهدف من المشروع هو تبسيط وتسريع عمليات الإمداد للمتاجر الموجودة داخل محطات مترو شنتشن، والتي تضم أكثر من 300 محطة. ففي السابق، كان توصيل البضائع يعتمد على سائقين يستخدمون وسائل النقل الأرضي، مما كان يؤدي إلى تأخيرات كبيرة بسبب الازدحام وصعوبة إيجاد مواقف، وبالتالي ارتفاع التكاليف.
وقد علّق مدير أحد المتاجر المشاركة في التجربة قائلاً: "في السابق، لم يكن بالإمكان توصيل البضائع إلى المحطات إلا عبر وسائل النقل الأرضي، ما كان يفرض تحديات كبيرة... وبالتالي ارتفاع تكاليف التوصيل والعمالة".
وبنجاح هذه التجربة ، تخطو شنتشن خطوة كبيرة نحو مستقبل تصبح فيه الروبوتات جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية الحضرية، مما يحل مشاكل لوجستية معقدة ويجعل الحياة في المدن العملاقة أكثر كفاءة واستدامة.
تابع موقعنا tech1new.com انضم إلى صفحتنا على فيسبوك و متابعتنا على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، للحصول على تحديثات إخبارية فورية ومراجعات وشروحات تقنية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق