في زوايا تطبيق "تيك توك" المضيئة، حيث تتراقص مقاطع الفيديو القصيرة وتنتشر التحديات الطريفة، يتربص صيادون رقميون بأساليب مبتكرة، محولين منصة الترفيه الأولى عالميًا إلى فخ متقن. لم يعد الأمر يقتصر على الحيل التقليدية، بل تطور إلى حملات "هندسة اجتماعية" بالغة الدقة، كشفت عنها شركة الأمن السيبراني "تريند مايكرو"، حيث أصبح المستخدم هو من يفتح أبواب جهازه للبرمجيات الخبيثة، وبكل سرور.
تخيل المشهد: أنت تتصفح صفحة "لأجلك" (For You)، ويظهر لك فيديو قصير، تم إنشاؤه على الأرجح بالذكاء الاصطناعي، يعدك بنسخة مجانية كاملة من "مايكروسوفت أوفيس" أو يمنحك مزايا مدفوعة في تطبيق "سبوتيفاي" دون مقابل. الطُعم مغرٍ، والثمن يبدو بسيطًا: مجرد نسخ أمر غامض ولصقه في أداة "PowerShell"، موجه الأوامر المدمج في نظام ويندوز.
هنا يكمن "حصان طروادة" الجديد. فذلك السطر البرمجي الذي تظنه مفتاحًا للكنز، هو في الحقيقة أمر لتثبيت برامج ضارة شرسة مثل "Vidar" و"StealC"، المتخصصة في سرقة بياناتك وكلمات مرورك. الأكثر إثارة للقلق، بحسب موقع "Bleeping Computer"، هو أن بعض هذه الفيديوهات الخادعة حصد مئات الآلاف من المشاهدات، مما يعني أن آلاف المستخدمين قد قاموا طواعية بتسليم أجهزتهم للقراصنة.
لكن هذا الهجوم المبتكر ليس سوى رأس حربة في ترسانة واسعة من الخدع التي يعج بها التطبيق. فالمحتالون لا يكتفون بنشر الفيروسات، بل نسجوا شبكة متكاملة من الأوهام تستغل سيكولوجية المستخدم، ومن أبرز أفخاخهم:
* وهم "كشف المستور": تنتشر فيديوهات تروج لأدوات سحرية قادرة على إزالة الفلاتر أو التعتيم عن الصور. الحقيقة أنها مجرد فيديوهات مفبركة، والهدف هو دفعك لتحميل برمجية خبيثة تحت ستار الفضول. تذكر دائمًا: لا يوجد تطبيق سحري يكشف ما تم إخفاؤه عمدًا، ومن يدعي ذلك فهو يطرق باب جهازك لغرض سيء.
* سراب المزايا الحصرية: يستغل القراصنة جهل البعض بوجود نسخ رسمية مثل "TikTok Studio"، فيروجون لتطبيقات مزيفة تحمل أسماء مثل "TikTok Premium" أو "Pro"، واعدين بمزايا خرافية كزيادة المتابعين. هذه التطبيقات ليست سوى واجهة لبرامج ضارة، والتبديل إلى حساب "Business" الرسمي يتم من داخل التطبيق نفسه مجانًا.
* أقنعة الشهرة الزائفة: من أسهل الطرق وأكثرها فعالية هي انتحال شخصيات المشاهير. حساب مزيف بصورة حقيقية، وبعد جمع عدد من المتابعين، تبدأ الرسائل الخاصة التي تحمل روابط تصيّد أو عروض استثمار وهمية في العملات المشفرة. القاعدة الذهبية: تحقق دائمًا من علامة التوثيق الزرقاء وعدد المتابعين الهائل قبل الوثوق بأي رسالة من "شخصية مشهورة".
* متجر الصفقات الوهمية: أصبح متجر "تيك توك" مرتعًا للبائعين الذين يعرضون منتجات بأسعار لا تقاوم. ولكن خلف هذه الصفقات قد يختفي بائع وهمي بمجرد إتمام الدفع، أو قد يصلك منتج لا يمت للإعلان بصلة. الشك هو خط الدفاع الأول ضد الأسعار غير المنطقية.
* فخ الهدايا والمسابقات: "اربح آيفون جديدًا" أو "بطاقة هدايا بقيمة 500 دولار". عناوين براقة لمسابقات وهمية تطلب منك النقر على رابط أو مسح رمز استجابة سريعة (QR Code) للمشاركة. هذه الروابط غالبًا ما تقود إلى صفحات لسرقة بياناتك أو تحميل برامج خبيثة مباشرة على هاتفك.
* رعب انتهاك الحقوق: بالنسبة لصناع المحتوى، لا شيء أكثر إقلاقًا من إشعار "انتهاك حقوق الطبع والنشر". يرسل المحتالون رسائل مزيفة تبدو رسمية من "تيك توك"، تحثك على النقر على رابط لحل "المشكلة"، وهو رابط يقودك مباشرة إلى فخهم. "تيك توك" لن يتواصل معك بهذه الطريقة لحل مشكلة حساسة، بل عبر الإشعارات الرسمية داخل التطبيق.
في هذا المسرح الرقمي المزدحم، حيث تتلاشى الحدود بين الحقيقة والخداع، يبقى الوعي والتشكك هما الدرع الأقوى. فقبل النقر على أي رابط أو تصديق أي وعد، تذكر أن وراء كل عرض يبدو أروع من أن يكون حقيقيًا، قد يكمن صياد ينتظر وقوعك في شباكه.
تابع موقعنا tech1new.com انضم إلى صفحتنا على فيسبوك و متابعتنا على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، أو أضف tech1new.com إلى موجز أخبار Google الخاص بك للحصول على تحديثات إخبارية فورية ومراجعات وشروحات تقنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق